﴿قَالُوٓاْ إِنَّا تَطَيَّرۡنَا بِكُمۡۖ﴾ والتطير هو:
التشاؤم ﴿لَئِن لَّمۡ
تَنتَهُواْ لَنَرۡجُمَنَّكُمۡ﴾ يرجمون الرسل، ﴿وَلَيَمَسَّنَّكُم
مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [يس: 18] هذا تهديد، وكم لاقى الرسل والدعاة من أمثال
هذه التهديدات؛ لأن ما عندهم حجة، فيلجؤون إلى القوة، وهذه عادة أهل الباطل، إذا
لم يملكوا حجة، فإنهم يلجؤون إلى القوة والتهديد، انقطعت مناظرتهم، فلم يبق لهم
إلا التهديد، قالت الرسل لهم: ﴿طَٰٓئِرُكُم
مَّعَكُمۡ﴾ [يس:، 19]، أي: ما أصابكم ليس بسببنا، فنحن نأتي
بالخير، وما أصابكم هو بسبب أعمالكم؛ من الكفر والشرك والمعاصي، فهي سبب ما يصيب
الناس، قال تعالى: ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ
فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ﴾ [الروم: 41]، وقال:
﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن
مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [الشورى: 30]، نعم،
هي من جهة القضاء والقدر هي من الله جل وعلا، ولكن من جهة الجزاء هي بسببكم أنتم،
الله قدرها عليكم عقوبة لكم بسبب أفعالكم، ولو أطعتمونا وقبلتم الحق لما أصابكم
إلا الخير، قالوا: ﴿طَٰٓئِرُكُم
مَّعَكُمۡ أَئِن ذُكِّرۡتُمۚ﴾ [يس: 19] تقابلوننا بهذه المقابلة بسبب أننا ذكرناكم
بالله عز وجل، ﴿بَلۡ أَنتُمۡ
قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ﴾
ثم في أثناء هذه المجادلة والمخاصمة والمحاورة بين
الرسل وهؤلاء، جاء رجل صالح ألقى الله في قلبه الإيمان، ﴿وَجَآءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسۡعَىٰ﴾ [يس: 20] أي: يسرع؛
لأجل أن يصل إليهم بسرعة وينصحهم، ﴿قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾، قال لهم: ﴿يَٰقَوۡمِ﴾ من باب التعطف، ﴿ٱتَّبِعُواْ
ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ نصيحة لهم أن يتبعوا المرسلين، ﴿ٱتَّبِعُواْ مَن لَّا يَسَۡٔلُكُمۡ أَجۡرٗا﴾ [يس: 21] هل جاؤوكم
يريدون طمعًا في أموالكم أو دياركم؟ لا، ما حملهم على هذا إلا النصيحة فقط، فكيف
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد