تتهمونهم وهم ما طلبوا منكم مالاً، ولا طلبوا منكم ثناء ولا مدحًا، وإنما
ينصحونكم فقط، ﴿ٱتَّبِعُواْ مَن
لَّا يَسَۡٔلُكُمۡ أَجۡرٗا وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ هم على هداية، وما
داموا على هداية يجب أن تسيروا خلفهم؛ لأنهم يرشدونكم إلى طريق الهدى، أما الذي
على ضلال، فلا يُتبع، وهذا ما أنتم عليه اتبعتم الضالين، وتركتم الناصحين الذين هم
أشفق عليكم من أنفسكم.
ثم قال: ﴿وَمَا لِيَ لَآ
أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾ [يس: 22] هذا من إقامة الحجة عليهم، ما الذي يمنعني أن
أقبل الحق، وأتبع الرسل؟ ليس لي عذر في هذا، ﴿وَمَا
لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي﴾ أي: خلقني، هل الأصنام
خلقتك؟ هل رزقتك؟ الأصنام أنت أكمل منها، هي إما جمادات حجارة، أو أشجار، وإما
أموات، وإما أحياء ضعفاء لا يملكون لأنفسهم شيئًا، فكيف يملكونه لغيرهم؟ ﴿وَمَا لِيَ لَآ أَعۡبُدُ ٱلَّذِي
فَطَرَنِي﴾، فالعبادة لا تصلح إلا للخالق سبحانه، أما الذي لا
يخلق، فلا يستحق العبادة، وهذا استدلال بتوحيد الربوبية على وجوب توحيد الألوهية،
وهو العبادة.
قال: ﴿وَإِلَيۡهِ
تُرۡجَعُونَ﴾ [يس: 22] يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم، ماذا كانت
النتيجة؟ ختم الله له بالإيمان، ومات على التوحيد، ﴿قِيلَ ٱدۡخُلِ
ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ﴾ [يس: 26] بعد موته،
ولما رأى كرامة الله والنعيم، ﴿قِيلَ ٱدۡخُلِ
ٱلۡجَنَّةَۖ قَالَ يَٰلَيۡتَ قَوۡمِي يَعۡلَمُونَ ٢٦بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي
وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ ٢٧۞﴾ [يس: 26، 27] سبحان الله!
يتمنى لهم الخير حتى وهو ميت، ويتمنى لهم أن يعلموا ما علمه من الهداية ومن المصير
الطيب.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد