وَالثَّانِي: أَنَّهُ
يُرَادُ بِذَلِكَ نَفْيُ الشَّفَاعَةِ الَّتِي يُثْبِتُهَا أَهْلُ الشِّرْكِ
وَمَنْ شَابَهَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَالْمُسْلِمِينَ، الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّ لِلْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ
الْقَدْرِ أَنْ يَشْفَعُوا عِنْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، كَمَا يَشْفَعُ النَّاسُ
بَعْضُهُمْ عِنْدَ بَعْضٍ، فَيَقْبَلُ الْمَشْفُوعُ إلَيْهِ شَفَاعَةَ شَافِعٍ
لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، وَكَمَا يُعَامِلُ الْمَخْلُوقُ
الْمَخْلُوقَ بِالْمُعَاوَضَةِ.
فَالْمُشْرِكُونَ
كَانُوا يَتَّخِذُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ
وَالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُصَوِّرُونَ تَمَاثِيلَهُمْ،
فَيَسْتَشْفِعُونَ بِهَا وَيَقُولُونَ: هَؤُلاَءِ خَوَاصُّ اللَّهِ، فَنَحْنُ
نَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ بِدُعَائِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ لِيَشْفَعُوا لَنَا،
كَمَا يُتَوَسَّلُ إلَى الْمُلُوكِ بِخَوَّاصِهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ إلَى
الْمُلُوكِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَيَشْفَعُونَ عِنْدَ الْمُلُوكِ بِغَيْرِ إذْنِ
الْمُلُوكِ، وَقَدْ يَشْفَعُ أَحَدُهُمْ عِنْدَ الْمَلِكِ فِيمَا لاَ يَخْتَارُهُ،
فَيَحْتَاجُ إلَى إجَابَةِ شَفَاعَتِهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً.
**********
الشرح
قوله: «وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُرَادُ بِذَلِكَ
نَفْيُ الشَّفَاعَةِ». الجواب الثاني: أن هذه الآيات ردٌّ على من أطلق
إثبات الشفاعة، وطلبها من الأصنام، والقبور، والأضرحة، والصور المصورة على صور
الصالحين، يظنون أن هؤلاء المخلوقين يشفعون لهم عند الله، ويصرفون لهم الدعاء،
والاستغاثة، والذبح، والنذر، فتجد عند القبور صناديق النذور، وتجد عندها مذابح
الإبل، والبقر، والغنم يتقرب إليها بذلك، وتجد الأكف مرفوعة في دعائها من دون
الله، والاستغاثة بالأموات، فالآيات على هذا الوجه ترد على هؤلاء.
وهؤلاء مثل السابقين من المشركين الذين ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18]،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد