×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 الشدائد، فإذا وقعوا في شدة، أو تقاذفهم موج البحر، وهاج عليهم لا يقولون: يا الله، وإنما يقولون: يا فلان، يا علان، يا حسين، يا عبد القادر، ونحو ذلك، فيهتفون بأسماء الأموات والعياذ بالله، فصاروا أشد شركًا من الأولين، وهم يزعمون أنهم مسلمون.

قوله: «مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»: مثل: النصارى الذين غلوا في المسيح، واتخذوه وأمه إلهين من دون الله، فهم أصل البلاء، وقلدهم في ذلك من قلدهم من هذه الأمة.

قوله: «وَالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّ لِلْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ مِنْ الْقَدْرِ أَنْ يَشْفَعُوا عِنْدَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، كَمَا يَشْفَعُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عِنْدَ بَعْضٍ، فَيَقْبَلُ المَشْفُوعُ إِلَيْهِ شَفَاعَةَ شَافِعٍ». قاسوا الشفاعة عند الله على الشفاعة عند الملوك والرؤساء، فقالوا: إذا كان الملوك والرؤساء يقبلون الشفاعة ولو لم يأذنوا، فالله جل وعلا يقبلها من باب أولى، وهذا ردٌّ على الله جل وعلا الذي يقول: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255]، وقال: ﴿وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ [الأنبياء: 28].

وفي هذا -أيضًا- قياس للخالق على المخلوق، وهذا غاية التنقص لله عز وجل؛ لأن المخلوق مضطر إلى أن يقبل الشفاعة ولو لم يرضَ؛ لأنه يخاف إذا رد الشفعاء صاروا ضده، وهو محتاج إليهم؛ محتاج إلى الوزراء والأعوان، فإذا رد شفاعتهم قد ينقلبوا عليه؛ لذلك يقبل شفاعتهم ولو لم يرض، أما الله جل وعلا فهو الغني عن جميع خلقه، لا يحتاج إلى أحد.

ثم إن المخلوق - سواء كان سلطانًا أو رئيسًا أو كبيرًا - لا يعلم حوائج الناس، ولا بد أن يبلغ عنها، وترفع له حوائجهم، أما الله جل وعلا فهو يعلم حوائج خلقه، ولا يحتاج إلى من يبلغه ذلك.


الشرح