×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 منها؛ لأنه جاء بذلك صلى الله عليه وسلم، وحذَّر منها غاية التحذير، ومن ذلك: أنه نهى عن الوسائل التي تفضي إلى الشرك، فأول وسيلة عملها إبليس مع قوم نوح هي تصوير الصور، ونصبها على المجالس، وإن كانوا لا يعبدونها في ذلك الوقت، ولكنها وسيلة للمستقبل، فنصب الصور على الجدران والميادين في وقتنا الحاضر من هذه الوسائل.

ونهى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور، وإن كان المصلي يصلي لله، ولكن صلاته في هذا المكان وسيلة في المستقبل إلى الشرك بأن يعتقد في هذا القبر، وإذا رآه الجهال يصلي عنده ويتردد عليه، ظنوا أنه ينفع ويضر، فهذا وسيلة إلى الشرك، والرسول قطع هذه الوسيلة، فنهى عن الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، أي: مصليات.

قوله: «وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي فِيهَا لاَ يَسْتَشْفِعُ بِهِمْ». المصلي يصلي لله، ولا يستشفع بالأموات، ولكن صلاته في هذا المكان وسيلة إلى الشرك بأن يقتدي به غيره، فيقولون: إنه ما صلى في هذا المكان إلا لسرٍّ في هذا المكان؛ ولذلك سد الرسول صلى الله عليه وسلم الوسائل التي تفضي إلى الشرك حتى ولو كانت في الظاهر وسائل طاعة ومباحة في حد ذاتها، ولكن إذا كانت تؤول إلى الشرك فهي محرمة، وكل شيء يفضي إلى الحرام فهو حرام؛ لأجل سد الطريق إلى المحظور.

وسد الوسائل قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية، مثل لها الإمام ابن القيم في كتابه «إغاثة اللهفان» و «إعلام الموقعين» بتسع وتسعين مثالاً، والآن نجد من ينادي ويقول: أنتم تسرفون في سد الذرائع، وسعوا للناس، ولا تضيقوا عليهم، والذرائع ما لها أصل، ولا تسدوا على الناس.


الشرح