هذه قاعدة ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي لا تتخلف أبدًا، فكل عاصٍ
ذليل بحسب معصيته، قد يكون ذله تامًّا وقد يكون دون ذلك، وكل مطيع متق عزيز، هذا
شيء جعله الله سبحانه وتعالى، ولذلك نجد أهل المعاصي منكسرين غالبًا؛ لأن الذلة
عليهم، ونجد أهل الطاعات في عزة ورفعة وكرامة.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ
تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ». هذا فيه تحريم التشبه بالكفار؛ لأن
التشبه بهم في الظاهر يدل على محبتهم في الباطن؛ لأنه لو كان يبغضهم ما تشبه بهم،
فالتشبه بالكفار حرام لا يجوز، ولماذا يتشبه مَن مَنَّ الله عليه بالإسلام بالكافر
الذليل، وهو من أهل التوحيد، وهذا مشرك؟!
هذا من الانتكاس، فلا يكون المسلم تابعًا للكفار، وإنما يعتز بدينه
وبشخصيته الإسلامية في أي مكان كان، ليس إذا ذهب إلى بلاد الكفر يجاريهم ويوافقهم،
بل يعتز بدينه في أي مكان، قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ» ([1])، فهو مسلم في أي
مكان يجب أن يعتز بإسلامه، وإذا اعتز بإسلامه جعل الله له الهيبة حتى عند الكفار،
وإذا وافقهم وجاراهم جعل الله عليه الذلة، حتى وإن أظهروا له التقدير والاحترام،
فإنه ذليل عندهم.
قوله: «وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ - الَّذِينَ أَخْبَرَ الْقُرْآنُ بِشِرْكِهِمْ وَاسْتَحَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَسَبَى حَرِيمَهُمْ وَأَوْجَبَ لَهُمْ النَّارَ - كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضَ». لمَّا ذكر أن الأصل الذي يُبنى عليه الدين والملة هو التوحيد أراد أن يُبين ما هو التوحيد؛ لأن بعض الناس يفهم أن التوحيد هو أن تقر بأن الله هو
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (1987)، والدارمي رقم (2820)، وأحمد رقم (21354).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد