×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله تعالى: ﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ [الزمر: 1]، الكتاب هو القرآن منزل من الله، وهو كلامه سبحانه وتعالى، وليس مخلوقًا كما تقول الجهمية، بل هو تنزيل من الله جل وعلا، قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِينُ ١٩٣عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ ١٩٤بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ١٩٥ [الشعراء: 193- 195].

قوله: ﴿ٱلۡعَزِيزِ الذي لا يغلبه شيء، ﴿ٱلۡحَكِيمِ الذي يضع الأمور في مواضعها، والحكيم أيضًا بمعنى المحكم الذي يحكم الأشياء ويتقنها، قال تعالى: ﴿مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ [الملك: 3]، وقال تعالى: ﴿صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ [النمل: 88]، فالله جل وعلا حكيم يضع الأمور في مواضعها اللائقة بها، ويحكم الأشياء ويتقنها، ليس في صنعته نقص سبحانه وتعالى: ﴿أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ [طه: 50].

قال تعالى: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ [النساء: 105] كرر الإنزال، وهو القرآن، ﴿فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ [الزمر: 2] أنزل الكتاب لأجل أن يُعبد الله مخلصًا له الدين، ولا يُشرك معه غيره، هذا الذي نزل به القرآن.

ثم قال: ﴿أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ [الزمر: 3] أي: الخالص من الشرك، أما الدين الذي نزل معه شرك، فإن الله لا يقبله؛ كما في الحديث القدسي أن الله جل وعلا قال: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1])، وفي رواية: «فَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ» ([2]). فإذا كان الإنسان يعبد الله ولكنه يشرك معه


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2985).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4202)، وأحمد رقم (7999)، وابن خزيمة رقم (938)، وابن حبان رقم (395).