قوله: «وَقَدْ يُخَاطِبُونَ
الْمَيِّتَ عِنْدَ قَبْرِهِ: سَلْ لِي رَبَّك». يأتون إلى القبور، إما أنهم
يخاطبون الصورة المنصوبة أو التمثال، أو يأتون إلى القبر يخاطبون الميت، ويطلبون
منه الشفاعة والدعاء وتفريج الكرب، والميت لا يُطلب منه شيء، وهو لا يسمع من
ناداه، ولو سمع ما يستطيع الإجابة، قال تعالى: ﴿إِن
تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ
لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ﴾ [فاطر: 14]، يجحدون
أنهم ما عبدوهم، ولا رضوا أن يعبدوهم، وإنما هذا من الشيطان، وهم على حق في هذا،
وأولئك على باطل، وليس لهم حجة.
فالحاصل: أن هذا صنيع المشركين، إما مع صور مجسمة أو مرسومة يخاطبونها،
وإما قبور هامدة يذهبون عندها وينادونها ويعكفون عندها، ولا يدعون الله في
المساجد، بل المسجد الذي ليس فيه قبر لا يتجهون إليه، ولا يُسمى مسجدًا عندهم،
وهذا من عظيم الفتنة والعياذ بالله.
قوله: «أَوْ يُخَاطِبُونَ الْحَيَّ
وَهُوَ غَائِبٌ». لا يجوز الهتاف بأسماء الأموات، ولا بأسماء الأحياء
الغائبين؛ لأنهم لا يسمعون دعاءك، تقول: هذا رجل صالح، وهذا له سر. لا يسمعك؛ لأنه
غائب، فلا يجوز دعوة الغائب، وإنما تدعو الحاضر، تقول: يا فلان ساعدني، يا فلان
اسقني، أطعمني، يا فلان احمني من السبع، من كيد كذا، وهو حاضر ويقدر، ليس فيه
مانع، قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي
مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القصص: 15]، هذا
جائز، أما غائب أو ميت، فلا يجوز؛ لأنه لا يقدر على ذلك، كيف يقدر يغيثك وبينك
وبينه مسافات وأميال، ولا يسمعك؟!
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد