×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فيها إلا مضرة؛ لأن الدين كامل، ما أهمل شيئًا فيه مصلحة للناس، ولو كان هناك شيء من العبادات أو من أمور الدين فيه مصلحة ولم يذكره الشارع، لكان هذا نقصًا في الشرع وتكذيبًا لقوله تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ [المائدة: 3]، فلم يترك الله شيئًا فيه مصلحة في الدين إلا وبيَّنه وأكمله قبل وفاة رسوله صلى الله عليه وسلم.

قوله: «وَيَحْتَجُّونَ عَلَيْهَا بِحُجَجِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ». فيقولون: هذا اجتهاد فلان، وقول فلان. وهذه مصيبة الآن يرددونها، ويقولون: المسألة فيها خلاف، وفيها أقوال، أنتم تقولون: هذا بدعة، وهذا شرك، ويوجد من يقول: إن هذا سنة، وهذا مشروع، فما دام هناك من يقول هذا، فلا حرج علينا. نقول: ليست العبرة بالأقوال ولا بالاختلاف، إنما العبرة بما قام عليه الدليل، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ [النساء: 59]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا»، أي: أقوالاً ومذاهب كثيرة، فما الحل؟ «فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]).

الحمد لله عندنا الميزان، وهو الكتاب والسنة، نزن به الأقوال والخلافات، فنأخذ ما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة، ونترك ما خالف الدليل، وإن قال به فلان أو علان، فإن كان متعمدًا فهو ضال مضل، وإن لم يكن متعمدًا فهو مجتهد مخطئ، ولا يجوز لنا


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).