قوله: «وَكُلُّ بِدْعَةٍ لَيْسَتْ
وَاجِبَةً وَلاَ مُسْتَحَبَّةً فَهِيَ بِدْعَةٌ سَيِّئَةٌ وَهِيَ ضَلاَلَةٌ
بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ». كل ما ليس واجبًا ولا مستحبًّا، فهو بدعة، وكل
بدعة ضلالة، وأما قول الفقهاء في مناسك الحج: إذا زار المدينة يُستحب أن يزور قبر
النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه. الزيارة هذه للسلام، وليست لدعاء الرسول، أو
طلب الشفاعة منه، ولذلك ذكروا ماذا يفعل، قالوا: يأتي ويسلم على الرسول صلى الله
عليه وسلم، ثم يسلم على صاحبيه، ثم ينصرف. ما قالوا: إنه يطلب من الرسول، أو من
أبي بكر، أو عمر قضاء حوائجهم، وهذا شيء موجود في كتب أهل العلم في صفة زيارة قبر
النبي صلى الله عليه وسلم، وزيارة غيره من القبور.
قوله: «فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا قَامَ
دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ». إذا كانت مستحبة وعليها دليل فهي
ليست بدعة، لكن تُسمى بدعة من ناحية اللغة فقط؛ لأنه شيء ما ألف الناس، ولا علموا
عنه، فيأتي واحد من العلماء، فيحيي هذه السنة ويُبينها، فهذا في عرف بعض الناس
يسمونه بدعة باعتبار أنه ما سبق أن يعمل الناس به؛ لأنهم ما دروا عنه، فهذا إحياء
سنة، وإن سُمِّي بدعة فهي بدعة لغوية؛ كما قال عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في
صلاة التراويح على إمام واحد: «نِعْمَ
البِدْعَةُ هَذِهِ» ([1]).
وهي ليست بدعة شرعية، وإنما هي بدعة لغوية، وكانوا في الأول يصلون متفرقين، فهذا إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول تخلف عنهم؛ خشية أن تُفرض عليهم، فلما توفي صلى الله عليه وسلم لا يُخشى أن تُفرض؛ لأن الفرائض انتهت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فانتفى المحظور من جمعهم على إمام واحد.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2010).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد