وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ
اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى». اللعن معناه: الطرد، والإبعاد من رحمة الله
([1])، ثم ذكر السبب في
لعنتهم، فقال: «اتَّخَذُوا قُبُورَ
أَنْبِيَائِهِمْ مَسْجِدًا». فدل على أنه يجوز لعن اليهود والنصارى إذا ذُكر
السبب للعنهم، وهو مثل اتخاذهم القبور مساجد، ودل على أن اتخاذ القبور مصليات
كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن اللعنة لا تكون إلا على شيء كبير، ومن ضوابط الكبائر:
ما رُتِّب عليه لعنة.
لماذا، مع أن المصلي إنما يصلي لله؟ لكن صلاته عند القبر وسيلة من وسائل
الشرك، فنُهي عن ذلك، وصار كبيرة يستحق عليها اللعنة.
إذًا من يتخذ القبور مساجد ملعون، وليس هذا خاصًّا باليهود والنصارى، بل كل
من فعل فعلهم استحق اللعنة والعياذ بالله، وهو يظن أنه يتقرب إلى الله، ويريد
الخير، ويحب الصالحين، وما أشبه ذلك من الشبهات الشيطانية، ويظن أنه مأجور.
قوله: «يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا».
أي: ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا وقصده تحذير الأمة أن تفعل مثل ما فعلت
اليهود والنصارى.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ
فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»، وهذا نهي صريح، ثم قال: «فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»أكد
مرة ثانية.
فهو أولاً: لعن من فعله، وثانيًا: نهى عن ذلك بقوله: «لاَ تَتَّخِذُوا»، وثالثًا: قال: «أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ»، هذه تأكيدات أن هذا الأمر الذي تساهل فيه بعض الناس، ويقولون: إن هذا من محبة الصالحين، والذي لا يبني على القبور لا يحب الصالحين، ويتنقص الصالحين، وليس لهم قدر عنده، هكذا يقولون: أنتم تبغضون
([1]) انظر: النهاية في غريب الأثر (4/ 255)، ومقاييس اللغة (55/ 253).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد