×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ اتِّخَاذِ هَذَا الْمَكَانِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لِئَلاَّ يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى الشِّرْكِ بِاَللَّهِ. وَالْفِعْلُ إذَا كَانَ يُفْضِي إلَى مَفْسَدَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ يُنْهَى عَنْهُ؛ كَمَا نَهَى عَنْ الصَّلاَةِ فِي الأَْوْقَاتِ الثَّلاَثَةِ ([1])؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ: وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِي يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ. وَلَيْسَ فِي قَصْدِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ الأَْوْقَاتِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ لِإِمْكَانِ التَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَْوْقَاتِ. وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَوَاتِ الأَْسْبَابِ فَسَوَّغَهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ لأَِنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ أُبِيحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَفِعْلُ ذَوَاتِ الأَْسْبَابِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الأَْوْقَاتِ وَيَفُوتُ إذَا لَمْ يُفْعَلْ فِيهَا فَتَفُوتُ مَصْلَحَتُهَا فَأُبِيحَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ؛ بِخِلاَفِ مَا لاَ سَبَبَ لَهُ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ فَلاَ تَفُوتُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ وَفِيهِ مَفْسَدَةٌ تُوجِبُ النَّهْيَ عَنْهُ.

**********

الشرح

قوله: «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ اتِّخَاذِ هَذَا الْمَكَانِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لِئَلاَّ يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى الشِّرْكِ بِاَللَّهِ». ربما يقول بعضهم: أنا عندما أصلي عند القبر أصلي لله، وعندما أدعو عند القبر أدعو الله، ولا أدعو القبر ولا أصلي للقبر، فلماذا تنكرون عليَّ؟

نقول له: لأن هذا وسيلة، أنت الآن تعبد الله، لكن تخصيص هذا المكان وسيلة إلى تعظيم القبر والغلو فيه، وفي النهاية يتحول الأمر إلى أن يُدعى من دون الله عزوجل، فهو وسيلة إلى الشرك، ومنعه من باب سد الوسائل المفضية إلى المحظور؛ لأنه بدعة ووسيلة إلى الشرك.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (831).