×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فَالْقِيَامُ عَلَى قَبْرِهِ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ [التوبة: 84]، فَنَهَى نَبِيَّهُ عَنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ وَالْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ لأَِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ. فَلَمَّا نَهَى عَنْ هَذَا وَهَذَا لأَِجْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْكُفْرُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا النَّهْيِ عِنْدَ انْتِفَاءِ هَذِهِ الْعِلَّةِ.

وَدَلَّ تَخْصِيصُهُمْ بِالنَّهْيِ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُقَامُ عَلَى قَبْرِهِ إذْ لَوْ كَانَ هَذَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ فِي حَقِّ أَحَدٍ لَمْ يُخَصُّوا بِالنَّهْيِ وَلَمْ يُعَلَّلْ ذَلِكَ بِكُفْرِهِمْ.

وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلاَةُ عَلَى الْمَوْتَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقِيَامُ عَلَى قُبُورِهِمْ مِنْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَشَرَعَ ذَلِكَ لأُِمَّتِهِ وَكَانَ إذَا دُفِنَ الرَّجُلُ مَنْ أُمَّتِهِ يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ وَيَقُولُ: «سَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ» ([1])، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

**********

الشرح

قوله: «فَنَهَى نَبِيَّهُ عَنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ وَالْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ لأَِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ». هذه العلة، فدل على أن المؤمن يُدعى له ويُصلى عليه، وقوله: «وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ» هذا إخبار عن المؤلف رحمه الله، وإلا فالآية ﴿وَمَاتُواْ وَهُمۡ فَٰسِقُونَ [التوبة: 84]، والفاسق هنا معناه الكافر، فجاء المؤلف بالمعنى.

قوله: «دَلَّ ذَلِكَ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا النَّهْيِ عِنْدَ انْتِفَاءِ هَذِهِ الْعِلَّةِ». فالمؤمن يُفعل معه الأمران: يُصلى على جنازته، ويُدعى له بعد دفنه، ويُدعى له أيضًا عند زيارة قبره.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3221)، والحاكم رقم (1372)، وابن السني في عمل اليوم والليلة رقم (585).