قوله: «إذْ لَوْ كَانَ هَذَا غَيْرَ
مَشْرُوعٍ فِي حَقِّ أَحَدٍ لَمْ يُخَصُّوا بِالنَّهْيِ». فلو كان الدعاء
للميت ممنوعًا في الأصل، لم يُستثن أحد، لكن الله جل وعلا إنما خص المنافقين؛
لأنهم كفروا بالله ورسوله، فدل على أن المؤمن بالعكس يُدعى له ويُصلى عليه.
قوله: «وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلاَةُ
عَلَى الْمَوْتَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ». أما الكفار والمنافقون، فلا يُصلى
عليهم، ولا يُدعى لهم، هذا إذا عُلم نفاقهم، أما إذا لم يُعلم فنحن نبني على
الظاهر، ونعاملهم بالظاهر، وهم بالظاهر مسلمون، فما لنا إلا الظاهر.
قوله صلى الله عليه وسلم: «سَلُوا
لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ». أي: يسأله منكر ونكير، يأتيان
إليه بعد دفنه مباشرة، أو قبل أن ينصرف الناس، أو عند انصراف الناس عنه بعد الدفن،
فيقعدانه، وتُعاد روحه في جسده حياة برزخية ليست مثل الحياة الدنيا، وهذه من أمور
الآخرة، «وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ
فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ،
فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الإِْسْلاَمُ، فَيَقُولاَنِ
لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: هُوَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولاَنِ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ:
قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ...» ([1]). وهذه أشد فتنة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذِهِ الأُْمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4753)، والنسائي رقم (2001)، وابن ماجه رقم (1549).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد