×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 في قوم نوح؛ لأنهم كانوا في الأول على التوحيد على دين آدم عليه السلام، ثم لمَّا غلوا في الصالحين، وصوروهم بعد موتهم، وعكفوا على قبورهم وصورهم، يتبركون ويستغيثون بها، حدث الشرك في الأرض من هذا التاريخ، فأرسل الله نبيه نوح عليه الصلاة والسلام ينكر هذا الشرك، ويدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فتبين لنا أن الغلو في الصالحين هو السبب لأول شرك وقع في الأرض، وأنه هو السبب الآن في الشرك الواقع من عُباد القبور.

قوله: «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ». أي: ألف سنة بين آدم ونوح، «كُلُّهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ» كلهم على التوحيد، على دين آدم عليه السلام.

قوله تعالى ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا [نوح: 23]، هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح - كما قال ابن عباس رضي الله عنهما - ثم آل الأمر بهم إلى أن عبدوا قبورهم وصورهم.

قوله: «قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ صَارَتْ هَذِهِ الأَْوْثَانُ فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ». هذه الأوثان التي اتخذها قوم نوح، ويزعمون أنها على صور الصالحين، جاء الطوفان الذي أهلك أهل الأرض إلا من نجا مع نوح في السفينة، وإلا فإن الله أغرق أهل الأرض كلهم لمَّا أصرُّوا على الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لنوح، وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، فلم يستجيبوا له، عند ذلك دعا عليهم، فقال: ﴿وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ٢٦إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا ٢٧ [نوح: 26، 27].


الشرح