×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وقد كان سبب دعائه عليهم أن الله جل وعلا أوحى إليه: ﴿أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ [هود: 36]، فلما أيس من استجابتهم دعا عليهم؛ لئلا يفسدوا في الأرض، فاستجاب الله دعاءه، وأرسل عليهم الطوفان، وهو الماء الذي نبع من الأرض ونزل من السماء، وعلا على رؤوس الجبال، وأصبحت الأرض بحرًا واحدًا فيها أمواج، ولم ينج إلا نوح عليه السلام، ومن معه في السفينة التي أمره الله بصناعتها، فغمر الطوفان ديار قوم نوح بما فيها من الأوثان، وصارت تحت التراب.

ولم يفطن لها الناس إلى أن جاء وقت عمرو بن لحي الخزاعي، وكان ملكًا على الحجاز، وذهب إلى الشام للعلاج، ثم رآهم يعبدون الأصنام، فدخل ذلك في فكره، واستحسنه، وأراد أن يأمر أهل الحجاز بعبادة الأصنام مثل ما كان هذا في الشام، وهذا بسبب السفر إلى بلاد الشرك وبلاد الكفر، فجاء بأصنام معه من الشام، وأمر الناس بعبادتها، وجاءه الشيطان وقال له: «اذهب إلى جدة» أي: ساحل جدة؛ لأن الأصنام كانت مدفونة في ساحل جدة، قال له الشيطان: «اذهب إلى جدة تجد فيها أصنامًا معدة، فأوردها تهامة ولا تهاب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجاب». فنبش الأصنام من الأرض، ووزعها على أحياء العرب، وألزم الناس بعبادتها والعياذ بالله.

فكان عمرو بن لحي أول من غير دين إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - والسبب في هذا هو البحث عن الأصنام تحت الأرض، وأن الشيطان هو الذي أرشده إلى هذا، وكذلك الشياطين لا تزال تحرض الناس على البحث عن الأصنام، والتنقيب عنها، ويقولون: هذه من الآثار.


الشرح