قوله: «وَيَرَى عَرْشًا عَظِيمًا
وَعَلَيْهِ صُورَةٌ عَظِيمَةٌ وَيَرَى أَشْخَاصًا تَصْعَدُ وَتَنْزِلُ
فَيَظُنُّهَا الْمَلاَئِكَةَ وَيَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ هِيَ اللَّهُ
-تَعَالَى وَتَقَدَّسَ- وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا». كذلك يخيل لبعض المغرورين أنه يرى عرشًا عظيمًا بين السماء والأرض، وعليه
جسم عظيم ونور، فيظن المغرور أن هذا عرش الله، والذي عليه هو الله، وما هو إلا
شيطان، ويظن أن الذين ينزلون ويصعدون هم الملائكة، وهذا كل تدجيل وكذب.
قوله: «وَقَدْ جَرَتْ هَذِهِ
الْقِصَّةُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ
وَعَرَفَ أَنَّهُ الشَّيْطَانُ كَالشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ». الشيخ عبد القادر الجيلاني من أئمة الحنابلة، فيه صلاح ودين وفقه وعلم، وهو
الذي تحاك حوله الخرافات، وينتسب إليه الصوفية، والطريقة القادرية نسبة إلى عبد
القادر، وهو بريء منهم ومن هذه الطريقة وأصحابها؛ لأنه رجل صالح وعالم مستقيم.
ولما قال له الشيطان: «أَنَا
رَبُّك وَقَدْ حَلَلْت لَك مَا حَرَّمْت عَلَى غَيْرِك. قَالَ: فَقَلَتْ لَهُ
أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ؟»، ما
استطاع أن يقول: أنا الله؛ لأنه لا أحد يتسمى بالله أبدًا، لا الشياطين ولا غيرهم،
لا أحد يستطيع أن يقول عند التحدي: أنا الله، وإنما يقول: أنا ربك، مثلما قال
فرعون لبني إسرائيل: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾ [النازعات: 24]، فلما قال الشيطان لعبد القادر: «أَنَا رَبُّك» تحدَّاه،
وقال له: «أَنْتَ اللَّهُ؟» فلم يستطع أن يقول: أنا الله.
انظر للفقه والعلم، لم يستطع أن يقول: أنا الله،
فاستدل بذلك على أنه كذاب، ثم قال له: «اخْسَأْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ»، لمَّا تلجلج
ولم يستطع، فانكشف حينئذٍ واضمحل، وذهب هذا العرش والنور.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد