×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «مَعَهُمْ مِنْ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَفْعَلُ بِهِمْ أَضْعَافَ أَضْعَافِ ذَلِكَ». الشياطين تفعل أشياء مع بني آدم أشد من هذا، تطير بهم في الهواء، وتمشي بهم على البحار، لكن بشرط أن يكفروا، فإذا كفروا فإن الشياطين تعطيهم ما يريدون، وتحضر لهم الأطعمة، وتسرق من أموال الناس، وتأتي بهم إليهم، ويقولون: هذا من كرامات الأولياء. وهو سرقة الشياطين.

أما ما يجري على يد الولي من الكرامات، مثل: ما حصل مع مريم عليها السلام وهي في مصلاها، قال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ [آل عمران: 37]، مع أنها لا تخرج، ولا تذهب، ولا يدخل عليها أحد، قال تعالى: ﴿فَٱتَّخَذَتۡ مِن دُونِهِمۡ حِجَابٗا [مريم: 17]، فلا أحد يصل إليها إلا زكريا؛ لأنه يكفلها عليه السلام، قال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ [آل عمران: 37]. فهذه كرامة يقينًا؛ لأن هذه أمة تقية صالحة مؤمنة، فما يجري عندها هو من كرامات الأولياء بلا شك، ومثل ما ثبت أن خبيبًا رضي الله عنه لما أسره أهل مكة، وحبسوه كان يُرى أنه يأكل من العنب الطري، مع أنه محبوس ولا يصل إليه أحد ([1])، فمن أين أتى هذا العنب الطري؟ هذا من عند الله جاء به ملك من الملائكة، يدل لذلك أنه مؤمن تقي، أما إذا كان كافرًا فاجرًا، قلنا: لا، ليست هذه كرامة، والذي أتى له بهذه شيطان.

هذا الفرق بين الأمرين: أن تنظر في حال الشخص، فإذا كان مؤمنًا تقيًّا، فهو ولي من أولياء الله، وما يجري على يده من الخوارق


الشرح

([1])  قصة خبيب رضي الله عنه في الأسر أخرجه: البخاري رقم (3045).