×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَمْ يُعْبَدْ فِي حَيَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ فَإِنَّهُ يَنْهَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ بِخِلاَفِ دُعَائِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الشِّرْكِ بِهِمْ وَكَذَلِكَ دُعَاؤُهُمْ فِي مَغِيبِهِمْ هُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى الشِّرْكِ.

فَمَنْ رَأَى نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا مِنْ الْمَلاَئِكَةِ وَقَالَ لَهُ: «اُدْعُ لِي» لَمْ يُفْضِ ذَلِكَ إلَى الشِّرْكِ بِهِ بِخِلاَفِ مَنْ دَعَاهُ فِي مَغِيبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ بِهِ كَمَا قَدْ وَقَعَ فَإِنَّ الْغَائِبَ وَالْمَيِّتَ لاَ يَنْهَى مَنْ يُشْرِكُ بَلْ إذَا تَعَلَّقَتْ الْقُلُوبُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ أَفْضَى ذَلِكَ إلَى الشِّرْكِ بِهِ فَدَعَا وَقَصَدَ مَكَانَ قَبْرِهِ أَوْ تِمْثَالِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا قَدْ وَقَعَ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

**********

الشرح

قوله: «فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَمْ يُعْبَدْ فِي حَيَاتِهِ بِحَضْرَتِهِ». لأنهم ينهون عن ذلك، ويقاتلون من فعله، وإنما يعبدونهم إذا ماتوا، والأموات لا يعلمون عن شيء من ذلك، ولكنهم في حياتهم كانوا يحاربون الشرك؛ كما قال الله جل وعلا: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ [آل عمران: 79]، فلا أحد من الأنبياء ولا من أتباعهم يقول هذا في حياته، أما بعد موته فإنهم يعبدونه، وهو لا يدري ولا يقدر على منعهم، كما حصل للمسيح عليه السلام لما مات قالوا: المسيح ابن الله، أو هو الله، أو ثالث ثلاثة، ولهذا إذا حشرهم الله يوم القيامة وجمع الخلائق جميعًا، قال: ﴿يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ أي: ننزهك عن ذلك؛ لأن الله منزه عن الشرك ﴿مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ لأن العبادة حق لله جل وعلا، فهو نزه الله أولاً،


الشرح