ثم نزه نفسه أن يأمر الناس
بالشرك ﴿إِن كُنتُ
قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ﴾، الله جل وعلا يعلم أنه لم يقل هذا؛ لأن الله لا يخفى
عليه شيء، وإنما يسأله من أجل أن يبطل قول هؤلاء، ويظهر بطلانهم، فهذا من باب
إبطال حجة المشركين ﴿تَعۡلَمُ مَا فِي
نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ﴾، يقول: حتى ما
أضمرت هذا في نفسي ولم أقله بلساني أنت تعلمه ﴿مَا
قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمۡۚ﴾، هذا الذي أمرهم به عليه الصلاة والسلام: ﴿وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا
مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ
وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: 116، 117]، فدل
هذا على أنهم إنما عبدوه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وهو لا يعلم، ولا أمرهم
بذلك.
قوله: «فَإِنَّهُ يَنْهَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ». بل يقاتل من يفعل ذلك؛ كما قاتل النبي صلى الله عليه وسلم المشركين. ولمَّا قال بعض الصحابة: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. قال صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يُسْتَغَاثُ بي وإنما يُسْتَغَاثُ بالله» ([1]). ولما قال له رجل: ما شاء الله وشئت. قال: «أَجَعَلْتَنِي وَاللهَ عَدْلاً؟ قَلْ: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» ([2]). ولما قالوا له: أنت سيدنا وابن سيدنا قال: «لاَ يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ» ([3]). فكان ينكر عليه الصلاة والسلام حتى الألفاظ التي يقولونها.
([1]) لم أقف عليه بهذا اللفظ مسندًا، وقد ذكره الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/ 159) وعزاه إلى الطبراني في ((معجمه)).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد