فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل فِي ذَلِكَ مِنْ
قَوْلِهِمَا ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادٗا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ ([1]).
فلا يليق هذا بنبي من الأنبياء -لا المسيح، ولا محمد، ولا غيره- أن يأمر
الناس أن يعبدوه، وأن يكونوا عبادًا له، وإنما يأمرهم بعباد الله وحده، هذا الذي
جاءت به الأنبياء، ﴿وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ﴾ والرباني: هو الذي يُعلم الناس الخير، ويربيهم عليه،
وهذا الذي يقولونه ليس خيرًا، ولا يمكن أن يعلمه نبي لأمته أبدًا، إنما الأنبياء
يعلمون التوحيد، وكذلك أتباعهم من العلماء يعلمون التوحيد، ويربون الناس على
التوحيد ﴿وَلَٰكِن كُونُواْ
رَبَّٰنِيِّۧنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ
تَدۡرُسُونَ﴾، هذا هو الذي جاءت به الأنبياء أنهم يعلمون الناس
التوحيد، وإخلاص العبادة لله عز وجل، ولا يطلبون منهم أن يعبدوهم من دون الله، ﴿وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن
تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّۧنَ أَرۡبَابًاۗ﴾، لا يمكن أن يأمر
نبيٌّ بهذا، ثم قال ﴿أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ
بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ فدل على أن عبادة غير الله كفر ولو سمى ذلك توسلاً، أو
طلبًا للشفاعة، أو غير ذلك، ﴿وَلَا
يَأۡمُرَكُمۡ﴾ أي: هذا البشر الذي آتاه الله من الكتاب والحكمة والنبوة
﴿أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ
وَٱلنَّبِيِّۧنَ أَرۡبَابًاۗ﴾ هؤلاء هم صفوة الخلق الملائكة والنبيين، فكيف بغيرهم من
الأولياء والصالحين؟
لا يليق بأحد من عباد الله، خصوصًا الملائكة، والأنبياء وأتباعهم ﴿أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّۧنَ أَرۡبَابًاۗ﴾ فدل على أن الذي يدعو الملائكة، أو يدعو الأنبياء، أو يدعو الأولياء والصالحين قد اتخذهم أربابًا، ومن اتخذ ربًّا مع الله فهو كافر: ﴿أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 79، 80].
([1]) أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (5/ 384).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد