×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَفِي «الْمُسْنَدِ» لأَِحْمَدَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِيقَ كَانَ يَسْقُطُ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ فَلاَ يَقُولُ لأَِحَدٍ نَاوِلْنِي إيَّاهُ وَيَقُولُ: إنَّ خَلِيلِي أَمَرَنِي أَنْ لاَ أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا ([1]).

**********

الشرح

تقدم أنه لا يجوز سؤال الغائبين ولو كانوا أحياء من الملائكة وغيرهم، ولا يجوز سؤال الأموات، أما الأحياء إذا كانوا حاضرين، فيجوز سؤالهم؛ لأنه لا محظور في ذلك من ناحية العقيدة، ولأنهم يسمعون من سألهم، ويقدرون على إجابته، إلا أن الأولى ألا يسأل الإنسان أحدًا شيئًا، وأن يستغني عن الناس حتى ولو كان السؤال جائزًا؛ لأن سؤال الناس فيه مذلة، وحاجة إلى المخلوق، فكون الإنسان يستغني أحسن، وأيضًا: سؤال الناس فيه منة، فإذا أعطوك، أو أجابوك ففيه نوع منه، فكون المسلم يستغني، ولا يسأل الناس شيئًا أحسن وأسلم له.

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يسألوا أحدًا شيئًا، فعملوا بهذه المبايعة، فكان أبو بكر رضي الله عنه يسقط سوطه وهو على الراحلة، فلا يقول لأحد ناولني إياه، بل كان ينزل ويأخذ سوطه استغناء عن الناس، وهو يقول: «إِنَّ خَلِيلِي أَمَرَنِي» يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم «ألاَّ أَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا». ويجوز أن يقول الصحابي للرسول: خليلي، لكن الرسول لا يجوز له أن يقول: خليلي فلان؛ لأن الله اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، بل يوحد الخُلة مع ربه عز وجل، ولهذا قال في آخر حياته: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً،


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (65).