وقال له: «هَلْ لَك مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: أَمَّا
إلَيْك فَلاَ». أي: أنت مخلوق، «وَأَمَّا
إِلَى اللَّهِ فَبَلَى». أي: بحاجة إلى الله سبحانه وتعالى، فهذا مثل قوله ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]،
وفي هذا استغناء عن الخلق بالخالق سبحانه وتعالى.
قوله: «فَهَذَا مَذْكُورٌ فِي
الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ». ذكر الله عن الخليل إبراهيم عليه السلام في
آيات كثيرة أنه دعا، كما في آخر سورة «إبراهيم»،
دعا بأدعية عظيمة لأهل مكة ولذريته هو وإسماعيل عليهما السلام، فكيف يُقال: إن
إبراهيم يستغني عن الدعاء، ويكتفي بعلم الله عز وجل ؟ هذا من الكذب.
قوله: «وَاَللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ». لا تنافي بين علم الله، وبين الدعاء؛ لأن الدعاء من الأسباب، والله
أمرنا بالدعاء، مع أنه يعلم حالنا سبحانه وتعالى؛ لأن الدعاء عبادة، وسبب من أسباب
النصر، والرزق، وكشف الكرب، فكيف يتهاون به، ويُقال: يكفي علم الله بأحوالنا؟
قوله: «وَقَدْ أَمَرَ الْعِبَادَ بِأَنْ
يَعْبُدُوهُ وَيَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ وَيَسْأَلُوهُ». لا تعارض بين التوكل
على الله، ودعائه وسؤاله من فضله.
قوله: «لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ
هَذِهِ الأُْمُورَ أَسْبَابًا». فكيف تُلغى الأسباب النافعة، ويُقال: هذا من
التوكل على الله؟ القاعدة: أن المسلم يجمع بين التوكل على الله، وفعل الأسباب، أما
أن يقتصر على التوكل على الله، ويلغي الأسباب، فهذا لا يجوز، أو العكس بأن يعتمد
على الأسباب، ويترك التوكل على الله، هذا مذموم، والمشروع أن يجمع بين التوكل على
الله وفعل الأسباب.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد