قوله: «وَيَأْمُرَ هَذَا
بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الأَْسْبَابِ الَّتِي تُقْضَى بِهَا حَاجَتُهُ».
هذا هو الأصل أن يجمع بين التوكل على الله، وفعل الأسباب، وكون الله يعلم بأحوالنا
لا يتنافى مع كونه يأمرنا بدعائه وسؤاله سبحانه وتعالى.
قوله: «كَمَا يَأْمُرُ هَذَا
بِالْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ الَّتِي بِهَا يَنَالُ كَرَامَتَهُ». كذلك الله
أمرنا بطاعته وعبادته؛ لننال بذلك كرامته وجنته، ولا يكفي أنه يعلم بحالنا فيدخلنا
الجنة؛ لأنه يعلم أننا من المحتاجين إليها، ولو أن الإنسان أصابه الجوع والعطش فهل
يقول: الله يعلم أني عطشان، ويعلم أني جائع، ثم يجلس؟ أليس يذهب يطلب الماء
والطعام؟ هذا من فعل الأسباب، ولا يقول: الله يعلم أني عطشان وإني جوعان، ويجلس
حتى يموت.
قوله: «وَلَكِنَّ الْعَبْدَ قَدْ
يَكُونُ مَأْمُورًا فِي بَعْضِ الأَْوْقَاتِ...». ذكر الله جل وعلا بالتسبيح
والتهليل والتكبير نوع من الدعاء، بل هو أفضل الدعاء؛ لأنه دعاء عبادة. والدعاء
على قسمين: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، فإذا اقتصرت على دعاء العبادة، فهذا يُغني عن
دعاء المسألة، وإن جمعت بينهما، فلا بأس، وكلاهما فاتحة الكتاب التي نقرؤها كل
ركعة، أولها دعاء عبادة وثناء على الله سبحانه وتعالى، وآخرها سؤال: ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]، هذا
سؤال، ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5] أي: نطلب العون، فسورة الفاتحة جمعت بين
نوعي الدعاء: دعاء العبادة بالثناء على الله في أولها، وتمجيد الله سبحانه وتعالى،
ودعاء المسألة في قوله: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦﴾ [الفاتحة: 5، 6]،
هذا دعاء ومسألة، وكون المسلم يجمع بينهما أفضل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد