×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَأَمَّا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَغَيْرُهُمَا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ عِنْدَهُمْ نِعْمَةٌ تُجْزَى فَإِنَّ زَيْدًا كَانَ مَوْلاَهُ فَأَعْتَقَهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ [الأحزاب: 37]، وَعَلِيٌّ كَانَ فِي عِيَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِجَدْبِ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْعَبَّاسُ التَّخْفِيفَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ مِنْ عِيَالِهِ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا إلَى عِيَالِهِ وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفَرًا إلَى عِيَالِهِ ([1]) وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ أَمَنَّ النَّاسِ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ لأَِفْضَلِ الْخَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِكَوْنِهِ كَانَ يُنْفِقُ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَاشْتِرَائِهِ الْمُعَذَّبِينَ.

وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ لاَ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَلاَ غَيْرِهِ بَلْ لَمَّا قَالَ لَهُ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ: إنَّ عِنْدِي رَاحِلَتَيْنِ فَخُذْ إحْدَاهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «بِالثَّمَنِ» ([2]).

**********

الشرح

قوله رحمه الله: «وَأَمَّا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَغَيْرُهُمَا». زيد بن حارثة الكلبي رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مملوكًا لخديجة رضي الله عنها، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعتقه، فصار مولًى له لأنه عتيقه، فصار للرسول صلى الله عليه وسلم منَّة عليه بالعتق، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أي: زيد بن حارثة رضي الله عنه ﴿أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ بالإسلام ﴿وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ بالعتق ﴿أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ لمَّا جاءه يشكو إليه زوجته، وأنها تُسيء إليه، وأنه يريد أن يطلقها، فالنبي صلى الله عليه وسلم نصحه.

والشاهد في قوله: ﴿أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ فصار للرسول صلى الله عليه وسلم نعمة على زيد بالعتق. ولهذا يقول العلماء في الولاء في


الشرح

([1])  أخرجه: الطبري في تاريخه (1/ 538)، وابن هشام في السيرة النبوية (2/ 85).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3905).