وَمِنْ هَذَا الْبَابِ
الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ
وَابْنُ مَاجَه: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: «لاَ تَنْسَنَا يَا أَخِي
مِنْ دُعَائِك» ([1]).
فَطَلَبُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عُمَرَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ كَطَلَبِهِ أَنْ
يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ
الْوَسِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَهُوَ كَطَلَبِهِ أَنْ يَعْمَلَ سَائِرَ
الصَّالِحَاتِ فَمَقْصُودُهُ نَفْعُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ وَالإِْحْسَانُ إلَيْهِ.
وَهُوَ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا يَنْتَفِعُ بِتَعْلِيمِهِمْ الْخَيْرَ
وَأَمْرِهِمْ بِهِ وَيَنْتَفِعُ أَيْضًا بِالْخَيْرِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ مِنْ
الأَْعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَمِنْ دُعَائِهِمْ لَهُ.
وَمِنْ
هَذَا الْبَابِ: قَوْلُ الْقَائِلِ: إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْك فَكَمْ
أَجْعَلُ لَك مِنْ صَلاَتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْت». قَالَ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا
شِئْت وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك». قَالَ: النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْت
وَإِنْ زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك». قَالَ: الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْت وَإِنْ
زِدْت فَهُوَ خَيْرٌ لَك». قَالَ: أَجْعَلُ لَك صَلاَتِي كُلَّهَا. قَالَ: «إذًا
تُكْفَى هَمَّك وَيُغْفَرُ لَك ذَنْبُك». رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ
وَالتِّرْمِذِي وَغَيْرُهُمَا ([2]).
وَقَدْ بُسِطَ الْكَلاَمُ عَلَيْهِ فِي «جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْبَغْدَادِيَّةِ». فَإِنَّ هَذَا كَانَ لَهُ دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فَإِذَا جَعَلَ مَكَانَ دُعَائِهِ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فَإِنَّهُ كُلَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَهُوَ لَوْ دَعَا لآِحَادِ الْمُؤْمِنِينَ لَقَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ: «آمِينَ وَلَك بِمِثْلِهِ» ([3]). فَدُعَاؤُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِذَلِكَ.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1498)، والترمذي رقم (3562)، وابن ماجه رقم (2894).