قوله: «فَمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ
يَعْمَلْ بِهِ أَشْبَهَ الْيَهُودَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ
وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ﴾ [البقرة: 44].
الشيخ يُبين أن هذا ليس قاصرًا على اليهود، ثم
ذكر الآية التي فيها بعض صفات اليهود، فهم ينسون أنفسهم من العمل، وهم يتلون
الكتاب الذي يأمرهم بالعمل، فعصوا الله على بصيرة، ووصفهم الله بعدم العقل: ﴿أَفَلَا
تَعۡقِلُونَ﴾؛
لأن فعلهم هذا يخالف العقل.
قوله: «وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ
بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالْغُلُوِّ وَالشِّرْكِ أَشْبَهَ النَّصَارَى». الغلو هو: الزيادة
عن الحد المشروع ([1])، إما بالزيادة في
العبادة، وإما بالغلو في شخص من الأشخاص حيًّا أو ميِّتًا، ففيه شبه من النصارى
الذين غلوا في المسيح، وقالوا: إنه ابن الله، أو هو الله، أو ثالث ثلاثة. وهذا غلو
في الشخص، وإنزال له في غير منزلته التي أنزله الله فيها. أو غلو في العبادة؛ لأن
النصارى عندهم غلو ورهبانية في العبادة؛ حتى تركوا الدنيا، واعتزلوا الناس،
والتزموا الصوامع، وهذا لم يأمر الله به عز وجل، قال تعالى: ﴿وَرَهۡبَانِيَّةً ٱبۡتَدَعُوهَا
مَا كَتَبۡنَٰهَا عَلَيۡهِمۡ﴾ [الحديد: 27]، لم يكتب الله عليهم هذه الرهبانية، وإنما
هم الذين ابتدعوها، ومع هذا ﴿فَمَا
رَعَوۡهَا حَقَّ رِعَايَتِهَاۖ﴾ [الحديد: 27] عجزوا؛ لأن الإنسان إذا غلا وينقطع يترك،
بخلاف المقتصد المعتدل، فإنه يستديم ويستمر.
وقوله تعالى ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [المائدة: 77]؛ وفي الآية الأخرى: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ﴾ [النساء: 171]؛
([1]) انظر معنى الغلو لغة في: العين (4/ 446)، وتهذيب اللغة (8/ 167).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد