لأنهم غلوا فيه، ورفعوه
فوق منزلته إلى مرتبة الألوهية، فهذا غلو في الأشخاص، والرهبانية غلو في الدين.
قوله: «فَإِنَّ الْغَيَّ اتِّبَاعُ
الْهَوَى». الغي: مخالفة العمل للعلم، فيترك العلم ويعمل بهواه، وهذا ديدن
اليهود ومن شابههم.
قوله: «وَالضَّلاَلَ عَدَمُ الْهُدَى».
مثل: النصارى.
وقوله تعالى: ﴿وَٱتۡلُ
عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا
فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ ١٧٥وَلَوۡ
شِئۡنَالَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ
هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ
تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَاۚ
فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ١٧٦﴾ [الأعراف: 175-
176] هذا مثال من اليهود، وهو بلعام بن باعوراء، كان عالمًا مجاب الدعوة، لكنه
انسلخ - والعياذ بالله - من العلم، واتبع هواه، فأذله الله عز وجل وشبهه بالكلب،
مع أنه عالم عابد مجاب الدعوة، ولكن لما انسلخ من آيات الله وتركها، وراح مع
شهواته ورغباته سلخه الله عز وجل وأهانه.
وقيل: المراد به: أمية بن أبي الصلت الذي عرف الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته، فلما بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به، ومات كافرًا، وكان عالمًا، وله أشعار في التوحيد، وفي دين الله، وأشعار زهدية؛ لأنه كان يقرأ الكتب السابقة ويتعلمها، وكان يطمع أن يكون هو الرسول، فلما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به والعياذ بالله. ولهذا لمَّا سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بعض شعره قال: «آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ» ([1]).
([1]) أخرجه: الفاكهي في أخبار مكة رقم (1973).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد