فلا تتوسل إلى الله بعمل فلان وصلاح فلان، بل توسل إلى الله بعملك أنت، فلن
ينفعك عمل فلان وإنما ينفعك عملك أنت.
قوله: «وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالإِْيمَانِ
بِهِ وَبِطَاعَتِهِ». يجوز لك أن تتوسل إلى الله جل وعلا بالإيمان بالرسول صلى
الله عليه وسلم وطاعته؛ لأن اتباعك للرسول وطاعتك له هذا عملك أنت، فأنت تتوسل إلى
الله بالعمل الصالح، وهذا مشروع.
قوله: «وَالثَّانِي: دُعَاؤُهُ
وَشَفَاعَتُهُ». وهذا في حال حياته، تطلب منه أن يدعو لك، ودعاؤه لك شفاعة عند
الله جل وعلا.
قوله: «وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»». كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته في طلب السقيا، بمعنى أنهم يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم، يوضح هذا حديث أنس رضي الله عنه، قال: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ المَالُ، وَجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِي الغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا» قَالَ: فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ تَفَرَّجَتْ ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1033)، ومسلم رقم (897).