وقَوْله تَعَالَى ﴿وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35]،
أَيْ الْقُرْبَةَ إلَيْهِ بِطَاعَتِهِ؛ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ طَاعَتُهُ قَالَ
تَعَالَى: ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ
فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ﴾ [النساء: 80].
فَهَذَا
التَّوَسُّلُ الأَْوَّلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَهَذَا لاَ يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا
التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا قَالَ عُمَرُ - فَإِنَّهُ
تَوَسَّلَ بِدُعَائِهِ لاَ بِذَاتِهِ؛ وَلِهَذَا عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ
إلَى التَّوَسُّلِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَلَوْ كَانَ التَّوَسُّلُ هُوَ
بِذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ فَلَمَّا
عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِالْعَبَّاسِ: عُلِمَ أَنَّ
مَا يُفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ قَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهِ؛ بِخِلاَفِ التَّوَسُّلِ
الَّذِي هُوَ الإِْيمَانُ بِهِ وَالطَّاعَةُ لَهُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ دَائِمًا.
فَلَفْظُ
التَّوَسُّلِ يُرَادُ بِهِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا:
التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ فَهَذَا فَرْضٌ لاَ يَتِمُّ الإِْيمَانُ إلاَّ بِهِ.
وَالثَّانِي:
التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهَذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ وَيَكُونُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ.
وَالثَّالِثُ:
التَّوَسُّلُ بِهِ بِمَعْنَى الإِْقْسَامِ عَلَى اللَّهِ بِذَاتِهِ وَالسُّؤَالِ
بِذَاتِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ فِي
الاِسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ لاَ فِي حَيَاتِهِ وَلاَ بَعْدَ مَمَاتِهِ لاَ عِنْدَ
قَبْرِهِ وَلاَ غَيْرِ قَبْرِهِ وَلاَ يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ
الأَْدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا يُنْقَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ
فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ أَوْ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ
حُجَّةً كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
**********
الشرح
لماذا تتوسل بطاعتك للرسول واتباعك للرسول؟ لأن طاعة الرسول طاعة لله، كما
قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد