قوله: «فَسَأَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
بِعَمَلِ عَظِيمٍ أَخْلَصَ فِيهِ لِلَّهِ لأَِنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ مِمَّا
يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ مَحَبَّةً تَقْتَضِي إجَابَةَ صَاحِبِهِ».
أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن ثلاثة من بني إسرائيل
آووا إلى غار في جبل؛ ليبيتوا فيه، أو ليستريحوا فيه، ويكنهم من البرد أو الحر،
المهم: أنهم دخلوا في الغار، وأراد الله جل وعلا أن يمتحنهم، فانحدرت صخرة كبيرة
فسدت باب الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فعند ذلك فكروا فيما يفرج الله به عنهم هذه
الكربة، فتذكروا صالح أعمالهم، وقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه إلا صالح أعمالكم،
فأحدهم توسل إلى الله عز وجل ببره بوالديه، فقد كان يرعى الغنم، ثم يأتي في الليل
ويحلبها، ويسقي والديه، ثم يسقي أولاده، وصادف في مرة أنه تأخر في المجيء حتى نام
والداه قبل أن يشربا من اللبن، فجاء باللبن، ووقف على والديه، وكره أن يوقظهما،
فبقي واقفًا طوال الليل، ومعه الإناء فيه اللبن، وأولاده يتضاغون تحته يريدون
اللبن، لكنه لا يريد أن يسقي قبل والديه أحدًا من عظم بره بوالديه، ولم يشأ أن
يوقظهما يكدر عليهما النوم، فبقي إلى أن أصبح وهو واقف باللبن، وهذا من البر
بالوالدين.
والثاني توسل إلى الله بأنه كان له ابنة عم، وكان يراودها عن نفسها فتأبى،
فنزلت بها حاجة، فجاءت إليه تطلب منه الإعانة، فظن أنه سنحت له الفرصة للتمكن
منها، وهي من شدة حاجتها خضعت لطلبه، فأعطاها مائة وعشرين دينارًا من الذهب، ثم
لما جلس منها مجلس الرجل من امرأته، قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فوقع
خوف الله في قلبه، وقام وترك لها الدنانير؛ خوفًا من الله سبحانه وتعالى، وهذا
موقف عظيم يدل على إجلاله وتعظيمه لله جل وعلا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد