×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

وأما الثالث فقد كان عنده أجير، فذهب الأجير ولم يأخذ أجرته، ولم يدرِ أين ذهب، فنما له هذه الأجرة حتى نمت وتكاثرت، وكانت من الإبل والبقر والغنم، فنمت حتى سدت الوادي من كثرتها ثم جاء الرجل يطلب أجرته، فقال: خذ ما في هذا الوادي كله لك، قال: يا عبد الله لا تسخر بي، قال: لا أسخر بك، ولكنه أجرتك، فاستاقها ولم يترك منها فصيلاً واحدًا.

فلما دعوا الله بهذه القربات والطاعات فرَّج الله عنهم؛ دعا الأول فتزحزحت الصخرة شيئًا قليلاً، ثم دعا الثاني فتزحزحت شيئًا أكثر، إلا أنهم لا يستطيعوا الخروج، فلما دعا الثالث تزحزحت نهائيًّا، وانفتح الباب فخرجوا، فهذا التوسل بالأعمال الصالحة ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مقررًا له، فدل على أن التوسل بالأعمال الصالحة مشروع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «تَعَرَّفْ إِلَي اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ» ([1]). فإذا عبد الله وتقربت إليه في حال الرخاء والصحة، ثم وقعت في شدة، فإن الله يفرج عنك، قال تعالى: ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ ١٤٣لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٤٤ [الصافات: 143، 144]، هذا يونس عليه السلام لولا أنه كان عبدًا صالحًا يعبد الله حال الرخاء، فلما وقع في بطن الحوت أنجاه الله بذلك، ﴿فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ أي: المصلين ﴿لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2803)، والطبراني في الكبير رقم (11243)، والحاكم رقم (6303).