وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ
مَسْعُودٍ يَقُولُ وَقْتَ السَّحَرِ: «اللَّهُمَّ أَمَرْتنِي فَأَطَعْتُك
وَدَعَوْتنِي فَأَجَبْتُك وَهَذَا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي» ([1]).
وَمِنْهُ
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الصَّفَا: «اللَّهُمَّ إنَّك
قُلْت وَقَوْلُك الْحَقُّ ﴿ٱدۡعُونِيٓ
أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60]،
وَإِنَّك لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ». ثُمَّ ذَكَرَ الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ عَنْ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ عَلَى الصَّفَا ([2]).
فَقَدْ
تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: أَسْأَلُك بِكَذَا. نَوْعَانِ:
فَإِنَّ
الْبَاءَ قَدْ تَكُونُ لِلْقَسَمِ وَقَدْ تَكُونُ لِلسَّبَبِ، فَقَدْ تَكُونُ
قَسَمًا بِهِ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ تَكُونُ سُؤَالاً بِسَبَبِهِ.
فَأَمَّا
الأَْوَّلُ: فَالْقَسَمُ بِالْمَخْلُوقَاتِ لاَ يَجُوزُ عَلَى الْمَخْلُوقِ
فَكَيْفَ عَلَى الْخَالِقِ ؟
وَأَمَّا
الثَّانِي: وَهُوَ السُّؤَالُ بِالْمُعَظَّمِ كَالسُّؤَالِ بِحَقِّ الأَْنْبِيَاءِ
فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ.
فَنَقُولُ:
قَوْلُ السَّائِلِ لِلَّهِ: أَسْأَلُك بِحَقِّ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ مِنْ
الْمَلاَئِكَةِ وَالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ أَوْ بِجَاهِ
فُلاَنٍ أَوْ بِحُرْمَةِ فُلاَنٍ يَقْتَضِي أَنَّ هَؤُلاَءِ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ
جَاهٌ وَهَذَا صَحِيحٌ. فَإِنَّ هَؤُلاَءِ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ
وَجَاهٌ وَحُرْمَةٌ يَقْتَضِي أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ دَرَجَاتِهِمْ وَيُعْظِمَ
أَقْدَارَهُمْ وَيَقْبَلَ شَفَاعَتَهُمْ إذَا شُفِّعُوا مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ
قَالَ: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي
يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ﴾ [البقرة: 255].
**********
الشرح
قول ابن مسعود رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ أَمَرْتنِي فَأَطَعْتُك وَدَعَوْتنِي فَأَجَبْتُك وَهَذَا سَحَرٌ» أي: وقت يُستجاب فيه الدعاء، «فَاغْفِرْ لِي». هذا من التوسل على الله بالعمل الصالح.
([1]) أخرجه: الطبري في تفسيره (3/ 208).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد