×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 بالجاه؛ لأن هذا شيء لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا في القرآن ولا في السنة، فلا تقل: أسألك بجاه نبيك، أو جاه موسى، أو جاه عيسى. لا يجوز هذا؛ لأن الدعاء عبادة، والعبادة توقيفية، وأعظم العبادة الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ([1]). فلا يجوز لنا أن ندخل فيه شيئًا لم يرد به دليل من الكتاب والسنة.

أما الحق، فالله لا يجب عليه حق لأحد، إلا ما أوجبه سبحانه على نفسه، قال تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [الروم: 47]، فالله هو الذي أوجبه على نفسه، وكذلك في حديث معاذ الذي سيأتي: «فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» ([2]). هذا حق أوجبه على نفسه، وقوله تعالى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ [الأنعام: 54]، هو الذي كتب على نفسه، وأوجب على نفسه. وسيذكر الشيخ الخلاف في أنه لا يتمني يفرض على الله، ولا يقال: يجب على الله كذا. كما تقول المعتزلة ومنهم من يخالف في هذا. وعلى كل حال لا يجوز الدعاء بمثل هذا: أسألك بحق فلان، أسألك بجاه فلان، أسألك بفلان.

قوله: «وَهَذَا صَحِيحٌ». الجاه صحيح؛ لوروده في القرآن.

قوله: «يَقْتَضِي أَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ دَرَجَاتِهِمْ وَيُعْظِمَ أَقْدَارَهُمْ وَيَقْبَلَ شَفَاعَتَهُمْ إذَا شُفِّعُوا». فهم وإن كانوا يشفعون، لكن لا يشفعون إلا بعد إذن الله جل وعلا، قال تعالى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255]


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1479)، والترمذي رقم (2969)، وابن ماجه رقم (3828)، وأحمد رقم (18352).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2856)، ومسلم رقم (30).