قوله: «نَعَمْ لَوْ سَأَلَ اللَّهَ
بِإِيمَانِهِ بِمُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلم وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَطَاعَتِهِ لَهُ
وَاتِّبَاعِهِ لَكَانَ قَدْ سَأَلَهُ بِسَبَبِ عَظِيمٍ يَقْتَضِي إجَابَةَ
الدُّعَاءِ». سأله بعمله؛ لأن طاعته للرسول، ومحبته للرسول، واتباعه له، هذا
عمله، فيسأل الله به ويتوسل إلى الله به، قال تعالى: ﴿رَبَّنَآ
ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ﴾ [آل عمران: 53].
قوله: «بَلْ هَذَا أَعْظَمُ
الأَْسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ». أي: العمل الصالح.
قوله: «وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
بَيَّنَ أَنَّ شَفَاعَتَهُ فِي الآْخِرَةِ تَنْفَعُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ لاَ
أَهْلَ الشِّرْكِ». شفاعته صلى الله عليه وسلم إنما تكون لأهل التوحيد من
أمته، وليست للمشركين، فالذين يدعون الأولياء والصالحين، ويستغيثون بهم، ويذبحون
لهم، هؤلاء مشركون يتبرأ منهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ([1])، ويتبرأ منهم
الصالحون الذين عكفوا عند قبورهم، قال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ﴾ [فاطر: 14]، وقال: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ
جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١﴾ أي: الشياطين هم
الذين أمروهم بذلك، أما نحن فننهي عن ذلك ونجاهد عليه، ﴿أَكۡثَرُهُم
بِهِم مُّؤۡمِنُونَ﴾ [سبأ: 40، 41]، انقطع هذا السبب، وهذا الذي تعلقتم به
لا أصل له.
واستدل الشيخ رحمه الله على هذا بحديث: «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6584)، ومسلم رقم (2291).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد