والنبي صلى الله عليه وسلم
لما سأله أبو هريرة رضي الله عنه: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ
القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ
قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ». أي: أهل التوحيد
لا أهل الشرك، وفي هذا رد على الذين يشركون بالله، ويدعون غير الله، ويقولون: نرجو
منهم الشفاعة، ويشفعون لنا. فمن أراد أن يسعد بشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا
يكتفي بقول: «لا إله إلا الله»، بل لا
بد أن يقولها خالصًا من قلبه، معتقدًا لمعناها، وعاملاً بمقتضاها، لا أن يأتي
بمجرد اللفظ «لا إله إلا الله»، ولكنه
يعبد غير الله، ويدعو غير الله، ويستغيث بالأموات، فهذه ليست خالصة من قلبه، بل هي
مجرد لفظ لا ينفع قائله يوم القيامة.
قوله: «لأَِنَّ التَّوْحِيدَ جِمَاعُ
الدِّينِ». الدين كله مبني على التوحيد، فدين ليس فيه توحيد دين باطل من
أساسه، ولو أتعب صاحبه الليل والنهار، قال الله جل وعلا: ﴿أَلَا
لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ
مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ
يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي
مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ﴾ [الزمر: 3]، الذي ليس عنده دين خالص، ويدعو غير الله،
ويقول: هؤلاء يقربونا إلى الله زلفى، هذا كاذب على الله، فمن أين تكون له الشفاعة؟
قوله: «وَاَللَّهُ لاَ يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ». هذا بنص الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ
أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ﴾ [النساء: 48]، إذا المشرك على شركه، فإنه لا يُغفر،
وإنما الذي يُغفر له الموحد الذي عنده ذنوب دون الشرك، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ بهذا القيد: إن شاء
الله غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، لكن مآله إلى الجنة بعد التعذيب.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد