×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «وَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ حِكْمَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ الْعِبَادَ إلاَّ بِخَيْرِ يَنْفَعُهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ إلاَّ عَنْ شَرٍّ يَضُرُّهُمْ؛ بِخِلاَفِ الْمُجَبِّرَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُ قَدْ يَأْمُرُهُمْ بِمَا يَضُرُّهُمْ وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا يَنْفَعُهُمْ». هناك من ينفي حكمة الله في أفعاله وأوامره ونواهيه، ويقولون: إنه يأمر وينهى لمجرد أنه رب، فيفعل ما يشاء لا لحكمة. فينفون الحكمة عن الله، ويقولون: لأن الحكمة تكون مؤثرة، والله جل وعلا لا يتأثر بشيء، فينفون حكمة الله التي أثبتها لنفسه، وهو الحكيم الخبير العليم: ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ [الأنعام: 83]، وعلى هذا الأشاعرة، ويقولون: جائز على الله أن يُعذب المؤمن، وينعم الكافر، فليست الطاعة سببًا، ولا حكمة للنعيم، وليس الكفر والشرك والمعاصي سببًا للتعذيب، إنما هذا راجع إلى السلطة الإلهية فقط. وهذا مذهب باطل، فإن الله وصف نفسه بالحكمة، والحكمة: هي وضع الشيء في وضعه، فلا يليق به أن يضع العذاب فيمن لا يستحق، أو من أفنى عمره بالطاعة، ولا يليق بحكمته أن ينعم من أمضى عمره بالكفر والشرك، قال جل وعلا: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٦ [القلم: 35، 36]، وقال: ﴿أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجۡتَرَحُواْ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِ أَن نَّجۡعَلَهُمۡ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَوَآءٗ مَّحۡيَاهُمۡ وَمَمَاتُهُمۡۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ [الجاثية: 21]، هذا يخالف عدل الله جل وعلا وحكمته.

قال سبحانه وتعالى: ﴿أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ [ص: 28]، هذا تأباه حكمة الله جل وعلا، فهم لم ينزهوا الله عن هذا.


الشرح