وَهُوَ الْمُنْعِمُ بِالْقُدْرَةِ وَالْحَوَاسِّ
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا بِهِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ...». من الفروق بين
الخالق والمخلوق: أن صلاح الصالحين وطاعة المطيعين إنما هي بفضل الله سبحانه
وتعالى، فهو الذي هداهم ووفقهم، وهو الذي دلهم على الخير حتى عملوه ونالوا من الله
الأجر والثواب. وأما من أعرض عن أوامره ونواهيه، واتبع هواه، فهو الذي جنى على
نفسه، وسبب لها الهلاك والعذاب، فالله جل وعلا جعل الثواب والعقاب منوطين بأعمال
العباد، فأعمال العباد أسباب لنيل الكرامة أو نيل العذاب، والمخلوق لا يقدر على شيء
من ذلك، لا يقدر أنه يوفق أحدًا للخير، أو أن يشفي أحدًا، فهو إنسان ضعيف، ولهذا
قال الله جل وعلا لأشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّكَ
لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ
أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56]، فهو أعلم بمن يستحق الهداية ممن لا
يستحقها، أما المخلوق فلا يعلم، نعم المخلوق يدعو إلى الخير، ويبينه للناس، وينهى
عن الشر، لكن لا يقدر أن يوفِّق للخير، وأن يمنع من الشر، وإنما هو مجرد داعية إلى
الخير، والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى.
قوله: «وَمِنْهَا أَنَّ نِعَمَهُ عَلَى
عِبَادِهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُحْصَى فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْعِبَادَةَ جَزَاءُ
النِّعْمَةِ لَمْ تَقُمْ الْعِبَادَةُ بِشُكْرِ قَلِيلٍ مِنْهَا فَكَيْفَ
وَالْعِبَادَةُ مِنْ نِعْمَتِهِ أَيْضًا؟». من الفروق أيضًا: أن العبادة
والصلاح والتقوى التي استحق بها الأولياء والصالحون كرامة الله إنما ذلك بتوفيق
الله سبحانه وتعالى، فهو المنعم بجميع النعم، ومن ذلك العمل الصالح والعبادة،
فإنها بتوفيق الله جل وعلا، فهو الذي أنعم بها على العبد، ووفقه لها، وأعانه
عليها.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد