وقال: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [يونس: 103]، فهذا
تفضل منه سبحانه وتعالى، فلهم حق أوجبه على نفسه، ولم توجبه عليه أعمالهم، فأما من
قال: إن للعباد على الله حقًّا واجبًا لم يوجبه الله وأوجبته أعمالهم. فهذا باطل؛
لأن الله لا يجب عليه حق لأحد من باب الفرض والإيجاب، وإنما الله هو الذي أوجب ذلك
على نفسه، وتفضل به على عباده، فمن قال: للعباد على الله حق. هذا فيه تفصيل: فقد
يكون صحيحًا، وقد يكون باطلاً؛ فيكون صحيحًا إذا أراد أن الله أوجب هذا على نفسه
تكرمًا منه سبحانه، ووعد به، وهو لا يخلف وعده سبحانه، ويكون باطلاً إذا ألزم الله
به، كما تقوله المعتزلة من أن العقل يوجب على الله حقًّا لعباده، فهذا باطل، وهو
تنقص لله سبحانه وتعالى.
قوله: «وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ
لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَهُوَ كَمَا لَوْ
سَأَلَهُ بِجَاهِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَذَلِكَ سُؤَالٌ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ
هَذَا السَّائِلِ لَمْ يَسْأَلْهُ بِسَبَبِ يُنَاسِبُ إجَابَةَ دُعَائِهِ».
رجع إلى أصل المسألة، وهو: التوسل بالمخلوقين إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا توسل
إلى الله بالصالحين من باب أنه جعلهم وسائط بينه وبين الله؛ لأنهم صالحون، وقال:
اللهم اغفر لي بحق فلان، اللهم أكرمني وعافني بحق فلان عبدك الصالح. فهو يسأل الله
بشيء لم يعمله هو، إنما يسأله بعمل غيره، وعمل غيره لا ينفعه، وصلاح فلان له،
وتقواه له، فهو سأل الله بسبب لا يكون سببًا، ولكن لو سأل الله بعمله الصالح،
وبإيمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا صحيح؛ لأنه توسل إلى الله بعمله الصالح
الذي عمله هو، لا العمل الصالح الذي عمله فلان، والذي ليس له به علاقة ولا سبب بأي
وجه من الوجوه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد