×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَالظُّلْمُ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي الظُّلْمِ الَّذِي لاَ يَقَعُ فَقِيلَ: هُوَ الْمُمْتَنِعُ وَكُلُّ مُمْكِنٍ يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَهُ لاَ يَكُونُ ظُلْمًا لأَِنَّ الظُّلْمَ إمَّا التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَإِمَّا مُخَالَفَةُ الأَْمْرِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ طَاعَتُهُ وَكِلاَهُمَا مُمْتَنِعٌ مِنْهُ. وَقِيلَ: بَلْ مَا كَانَ ظُلْمًا مِنْ الْعِبَادِ فَهُوَ ظُلْمٌ مِنْهُ.

وَقِيلَ: الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَعۡمَلۡ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَا يَخَافُ ظُلۡمٗا وَلَا هَضۡمٗا [طه: 112].

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ غَيْرِهِ وَيُعَاقَبَ بِغَيْرِ ذَنْبِهِ وَالْهَضْمُ أَنْ يُهْضَمَ مِنْ حَسَنَاتِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا [النساء: 40]، وقال: ﴿وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡۖ [هود: 101].

**********

الشرح

الله جل وعلا منزه عن الظلم؛ لأنه الحكم العدل الذي لا يظلم قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ [فصلت: 46]، وقال: ﴿وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّٰلِمِينَ [الزخرف: 76]، فالظلم إنما هو من العباد، والظلم في الأصل: وضع الشيء في غير موضعه ([1])، وهو ثلاثة أنواع:

الأول - وهو أعظمها -: ظلم الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ [لقمان: 13]؛ لأنه وضع للعبادة في غير موضعها.

والثاني: ظلم العبد لنفسه بالذنوب والسيئات والمعاصي، فهو يظلم


الشرح

([1])  انظر: غريب الحديث لابن قتيبة (2/ 84).