×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 تدعوه وهو ميت هامد، فهذا من انتكاس العقول.

قوله: «فَهَذَا حَقٌّ إذَا كَانَ قَدْ شَفَعَ لَهُ وَدَعَا لَهُ». هذا إنما يكون في الحياة، وقوله: «شَفَعَ لَهُ»، أي: دعا له؛ لأن الشفاعة معناها الدعاء، فإذا كان دعا لك وهو حي، فهذا يكون من الأسباب النافعة، أما بعد أن يموت، فلا مجال لدعائه؛ لأنه انقطع عمله، ولا يقدر على الدعاء، قال تعالى: ﴿إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ [فاطر: 14]، لا يقدرون على ذلك، فأنت حي قادر تستطيع أن تستغفر، وتصلي، وتصوم، تحج، وتجاهد في سبيل الله، وتعمل الأعمال الصالحة، وهو ميت انقطع عمله، فكيف تتعلق به وتطلب منه؟!

قوله: «وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ لَهُ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ». الميت لا يقدر أن يدعو أو يشفع، فكيف تعلق عليه الطلب وهو ميت مرتهن في قبره، بحاجة إلى من يهب إليه الحسنات والأعمال الصالحة؟ فهو بحاجة إليك، أما أن تقول: إنك محتاج إليه. فهذا ليس محلًّا لطلب الحاجة منه.

قوله: «وَإِنْ قَالَ: السَّبَبُ هُوَ مَحَبَّتِي لَهُ وَإِيمَانِي بِهِ وَمُوَالاَتِي لَهُ». نعم، هذا صحيح، إن قال: السبب محبتي له، واتباعي له، وطاعتي للرسول صلى الله عليه وسلم، ليس هناك شك أن هذا عملك، فلك أن تتوسل به، قال تعالى ﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ [آل عمران: 53]، وقال: ﴿رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ أَنۡ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمۡ فَ‍َٔامَنَّاۚ رَبَّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرۡ عَنَّا سَيِّ‍َٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلۡأَبۡرَارِ [آل عمران: 193]، فتبين أنك إنما تتوسل إلى الله بأعمالك، وإيمانك، واتباعك للرسول، ومحبتك له، ومحبتك لعباد الله الصالحين في الله عز وجل، هذه


الشرح