×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ مَالِكٍ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً لَمْ يَكُنْ التَّوَسُّلُ الَّذِي فِيهَا هُوَ هَذَا؛ بَلْ هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُحَرِّفُ نَقْلَهَا وَأَصْلُهَا ضَعِيفٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لاَزِمٌ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ.

وَذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَيُّوبَ السختياني فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَحَدٍ إلاَّ وَأَيُّوبُ أَفْضَلُ مِنْهُ. قَالَ: وَحَجَّ حَجَّتَيْنِ فَكُنْت أَرْمُقُهُ فَلاَ أَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَكَى حَتَّى أَرْحَمَهُ فَلَمَّا رَأَيْت مِنْهُ مَا رَأَيْت وَإِجْلاَلَهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَتَبْت عَنْهُ.

**********

الشرح

قوله: «وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ مَالِكٍ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ». أي: من نقل عن الأئمة الأربعة أنهم يجوزون سؤال بالمخلوق من الأنبياء أو الصالحين، فقد كذب عليهم، فليس في كلامهم الثابت عنهم شيء من ذلك، وإنما هذا قد يكون في كلام المتأخرين من أتباع المذهب، ولكن إذا غلط واحد من أتباع المذهب فلا يُنسب غلطه إلى إمام المذهب.


الشرح