قوله: «وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ
يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ
مَالِكٍ وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً لَمْ يَكُنْ التَّوَسُّلُ الَّذِي فِيهَا هُوَ
هَذَا؛ بَلْ هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». هذه القصة
ستأتي مع أبي جعفر المنصور الخليفة.
قوله: «وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ
يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ؛ قَبْرِهِ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا
هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ». القاضي عياض اليحصبي من أئمة
المالكية له كتاب مشهور عند العلماء في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم اسمه «الشفا في حقوق المصطفى»، وهو كتاب جيد
ضخم، ولم يذكر فيه أنه يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، مع أنه
استوعب كل ما ثبت في حق الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي
سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ
وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لاَزِمٌ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ
عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ». الذي
يُشرع في حق الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته: احترامه، وتوقيره، ومحبته،
واتباعه، وليس المشروع أن نتوسل به إلى الله، أو نطلب منه الدعاء.
ومن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، واحترامه، وحقه علينا: أننا
نجل الأحاديث الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم؛ لأنها من كلامه صلى الله عليه وسلم
الذي لا ينطق عن الهوى، فلا يجوز لأحد أن يخوض في الأحاديث الصحيحة برأيه وجهله،
ويصحح ويضعف ويعبث فيها، ويقول: هذا تخريج للأحاديث، ويعبث بكتب العلماء، ويحشي
عليها، ويفسد الأدلة التي بنوا عليها كلامهم، ويقول: هذه ضعيفة، وهذه كذا... إلى
آخره، مثلما يحصل الآن من العبث بالكتب وهدم أدلتها، وتجميع الكلام حولها، فقد
أفسد هذا كثيرًا من الكتب، وقلل الثقة بها وبمؤلفيها، فيجب احترام كلام
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد