×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 أن يسقينا. فيرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، ويطلب من الله السقيا، فيسقون، كما حصل في الرجل الذي دخل المسجد يوم الجمعة، والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب، فشكا الجدب، وهلاك الأموال، وانقطاع السبل، قال أنس رضي الله عنه: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِي الغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ إِلَى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ - أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وَغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا» قَالَ: فَمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ تَفَرَّجَتْ ([1]).

فهذا كان فعل الصحابة رضي الله عنهم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ يطلبون منه أن يدعو الله لهم، وهذا مشروع أن تطلب من العالم أو الرجل الصالح أن يدعو الله لك أو للمسلمين، ولكن لما مات الرسول صلى الله عليه وسلم وأجدبوا في خلافة عمر رضي الله عنه احتاجوا للمطر، فلم يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم؛ لأنه ميت، والميت لا يُطلب منه شيء، فعدلوا إلى عمه العباس؛ لأنه حي حاضر، فقال عمر: «اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا» أي: بدعائه، «فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. قم يا عباس فادعُ». فدعا العباس، فسقاهم الله، فعدولهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كانوا يطلبون منه يوم أن كان حيًّا إلى العباس؛ لأن العباس حي حاضر عندهم، والرسول صلى الله عليه وسلم ميت غائب، فلا يُطلب منه شيء بعد موته، فدل على أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا يجوز، ولا يُطلب منه دعاء ولا غير دعاء.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1033)، ومسلم رقم (897).