وَهَذَا حَقٌّ؛ كَمَا
جَاءَتْ بِهِ الأَْحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حِينَ تَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ آدَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَرُدَّهُمْ آدَمَ إلَى نُوحٍ ثُمَّ
يَرُدَّهُمْ نُوحٌ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ إلَى مُوسَى وَمُوسَى إلَى
عِيسَى وَيَرُدَّهُمْ عِيسَى إلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ كَمَا
قَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ آدَمَ
فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ» ([1]).
وَلَكِنَّهَا
مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِنْ وُجُوهٍ:
«أَحَدُهَا،
قَوْلُهُ: «أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ
وَأَدْعُو؟ فَقَالَ: وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك
وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ؟».
فَإِنَّ
الْمَعْرُوفَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الأَْئِمَّةِ وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ
الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ وَلاَ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو
لِنَفْسِهِ بَلْ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلاَمِ عَلَى
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ لَهُ.
هَذَا
قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ
وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ. وَعِنْدَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ
يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَقْتَ السَّلاَمِ عَلَيْهِ أَيْضًا.
ثُمَّ
مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجْعَلُ الْحُجْرَةَ عَلَى يَسَارِهِ - وَقَدْ رَوَاهُ
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ
يَسْتَدْبِرُ الْحُجْرَةَ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ
عِنْدَهُمْ.
**********
الشرح
قوله: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ». هذا كما أمره الله بقوله جل وعلا:
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2278) بنحوه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد