﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ
فَحَدِّثۡ﴾ [الضحى: 11]، فهذا ليس من باب الافتخار، وإنما هو من
باب التحدث بنعمة الله، والتحدث بنعمة الله شكر لها؛ لأن أنواع الشكر ثلاثة:
الأول: التحدث بها ظاهرًا.
الثاني: الاعتراف بها باطنًا.
الثالث: صرفها في طاعة الله جل وعلا.
فإذا تمت هذه الأمور صح الشكر، أما إذا فُقد واحد منها، فإن الشكر لا يصح.
قوله: «أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ
وَأَدْعُو، أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَدْعُو؟ فَقَالَ: وَلِمَ
تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ؟». هذا
منكر، لا يقول الإمام مالك: ادع الله مستقبلاً للرسول صلى الله عليه وسلم بعد
موته؛ لأن قبلة المسلمين واحدة في الصلاة وفي الدعاء، وهي الكعبة، فليس هناك قبلة
ثانية، لا قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فكيف يقول مالك لأبي جعفر:
اصرف وجهك عن القبلة التي شرعها الله جل وعلا لعباده، وتوجه إلى القبر؟
قوله: «فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ
مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الأَْئِمَّةِ وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ
وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ وَلاَ يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ».
في السلام يستقبل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذه عادة المُسلِّم، والأحياء
والأموات سواء في ذلك، وليس مناسبًا أن تسلم على أحد وهو وراءك، لكن تستقبله، هذا
هو المشروع في السلام، أما في الدعاء فلا تستقبل قبر النبي ولا غيره، وإنما تستقبل
بيت الله سبحانه وتعالى.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد