×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

قوله: «وَلاَ بَأْسَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ وَلأَِبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ». فيسلم عليه عند القدوم وعند السفر من باب الوداع له صلى الله عليه وسلم.

قوله: «فَإِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لاَ يَقْدَمُونَ مِنْ سَفَرٍ وَلاَ يُرِيدُونَهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الْجُمُعَة أَوْ الأَْيَّامِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَيُسَلِّمُونَ وَيَدْعُونَ سَاعَةً». أي: سُئل عن هؤلاء الذين يترددون على القبر عندما يريدون السفر أكثر من مرة، وربما كل أسبوع، أو يترددون عليه يوم الجمعة، فأنكر هذا وقال: «لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَنْ أَهْلِ الْفِقْهِ بِبَلَدِنَا وَتَرْكُهُ وَاسِعٌ وَلاَ يُصْلِحُ آخِرُ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا»، فآخر هذه الأمة يجب أن يتبعوا ما كان عليه السلف الصالح، وهم لم يكونوا يترددون على القبر، إنما هذا من المبالغة والغلو، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا».

قوله: «وَلاَ يُصْلِحُ آخِرُ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا». هذه الكلمة المشهورة عن مالك كلمة عظيمة: أنه يجب على المتأخرين أن يقتدوا بالسابقين؛ لقوله تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ [التوبة: 100]، فالواجب الاقتداء بالسابقين من المهاجرين والأنصار، والقرون المفضلة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتمسكها بدينها، ولغزارة علمها، أما المتأخرون، فكلما تأخر الزمان يفشو الجهل، وتكثر البدع والعادات التي تتخذ سننًا بسبب الجهل، فيجب على المتأخرين أن يقتدوا بالسلف الصالح، فيأخذون بهديهم؛ لأنهم أقرب إلى الحق والصواب، وأقرب إلى السنة، وأبعد عن البدعة.


الشرح