×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 القبور بدعة وحرام؛ لأنه وسيلة إلى الشرك؛ ولأنه مخالف لمفهوم الحديث الصحيح: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1])، فأي مسجد في الأرض سوى هذه المساجد الثلاثة لا يجوز السفر لزيارته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حصر جواز السفر أو مشروعيته عليها بهذه الصيغة: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ»، وهذه صيغة حصر، وفي رواية: «لاَ تَشُدُّوا» بالنهي، والرواية المشهورة: «لاَ تُشَدُّ» بالنفي المقصود به النهي، والعلماء يقولون: إذا جاء النهي بصيغة النفي، فهو أبلغ في المنع.

فالحاصل: أنه لا يجوز نذر السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو قبر غيره من قبور الصالحين، بل لزيارة مسجد من المساجد ليصلي فيه غير المساجد الثلاثة.

قوله: «بَلْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ». لأنه نذر معصية، وقد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ».

قوله: «أَظْهَرُهُمَا عَنْهُ: يَجِبُ ذَلِكَ». لأنه نذر طاعة؛ حيث إنه صلى الله عليه وسلم حصر السفر لزيارة هذه المساجد، فدل على أن السفر لزيارتها والصلاة فيها طاعة.

قوله: «وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَالثَّانِي: لاَ يَجِبُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ مِنْ النَّذْرِ إلاَّ مَا كَانَ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ». مذهب مالك، وأحمد، وأحد قولي الشافعي: أنه يجب ذلك؛ لأنه نذر طاعة، أما عند أبي حنيفة فلا يُشرع أصلاً؛ لأن أبا حنيفة لا يرى واجبًا بالنذر، ويقول: لا واجب إلا ما أوجبه الله


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).