وَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجَّ
بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ
وَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ لَكَانَ نَصًّا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَلَكِنْ
دُفِنَ فِي حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِأَبِي هُوَ
وَأُمِّي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ.
ثُمَّ
لَمَّا وُسِّعَ الْمَسْجِدُ فِي خِلاَفَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ
نَائِبُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمَرَهُ أَنْ
يَشْتَرِيَ الْحُجَرَ وَيَزِيدَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَتْ الْحُجَرُ مِنْ
جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْقِبْلَةِ فَزِيدَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَدَخَلَتْ حُجْرَةُ
عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حِينَئِذٍ وَبَنَوْا الْحَائِطَ البراني
مُسَنَّمًا مُحَرَّفًا.
فَإِنَّهُ
ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَرْثَدٍ الغنوي أَنَّهُ قَالَ
صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلاَ تُصَلُّوا إلَيْهَا» ([1]). لأَِنَّ ذَلِكَ
يُشْبِهُ السُّجُودَ لَهَا وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي إنَّمَا يَقْصِدُ الصَّلاَةَ
لِلَّهِ تَعَالَى. وَكَمَا نُهِيَ عَنْ اتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ وَنُهِيَ عَنْ
قَصْدِ الصَّلاَةِ عِنْدَهَا وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي إنَّمَا يَقْصِدُ
الصَّلاَةَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَالدُّعَاءَ لَهُ. فَمَنْ قَصَدَ قُبُورَ
الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لأَِجْلِ الصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا
فَقَدْ قَصَدَ نَفْسَ الْمُحَرَّمِ الَّذِي سَدَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ذَرِيعَتَهُ
وَهَذَا بِخِلاَفِ السَّلاَمِ الْمَشْرُوعِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ.
**********
الشرح
قوله: «وَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجَّ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ». ومما يدل على أن هذا اللفظ: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ» لم يصدر منه صلى الله عليه وسلم أن الصحابة رضي الله عنهم لما توفي صلى الله عليه وسلم اختلفوا أين يُدفن، هل يُدفن مع أصحابه في البقيع؟ لأنه إذا دُفن في البقيع يُخشى عليه من الغلو، ثم اتفقوا أن يُدفن في حجرة عائشة في المكان الذي توفي
([1]) أخرجه: مسلم رقم (972).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد