×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

فيه صلى الله عليه وسلم، ولهذا قالت رضي الله عنها لما ذكرت حديث: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». قالت: «لَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا» ([1]).

فدفنوه في حجرتها رضي الله عنها محافظة عليه من الغلو، فكان هذا من توفيق الله سبحانه وتعالى، ولو ثبت عندهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ» لانتهى النزاع، ودفنوه اعتمادًا على هذا اللفظ.

قوله: «وَكَانَتْ الْحُجَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْقِبْلَةِ». كانت حجرات النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها أزواجه حافة في المسجد من جهة الجنوب، وهي جهة القبلة، وكذلك من جهة الشرق، فأزيلت الحجرات التي في جهة الجنوب في عهد عثمان رضي الله عنه لمَّا وسَّع المسجد من جهة القبلة، وبقيت حجرة عائشة رضي الله عنها خارج المسجد، لم يدخلها في المسجد، فلما جاءت خلافة الوليد بن عبد الملك من بني أمية، وأمر بتوسعة المسجد النبوي وسعه من جهة الشرق، وكان الخلفاء من قبله يوسعونه من جهة الجنوب، والغرب، ولا يتعرضون له من جهة الشرق، فهو أول من وسع المسجد من جهة الشرق، وأدخل فيها حجرة عائشة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فصار القبر داخل المسجد، والذي نفذ هذا بأمر الخليفة هو عمر بن عبد العزيز، وكان أميرًا على المدينة من جهة عمه الوليد بن عبد الملك.

قوله: «وَدَخَلَتْ حُجْرَةُ عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حِينَئِذٍ». فقد كانت في عهد الخلفاء الراشدين، وعهد معاوية رضي الله عنه، وعهد يزيد خارج المسجد وفي عهد عبد الملك بن مروان أُدخلت في المسجد.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1330)، ومسلم رقم (529).